يس آية 77 :
))أَوَ لَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْنُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ))
:{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ}المنكر للبعث و الشاك فيه، أمرا يفيدهاليقين التام بوقوعه، وهو ابتداء خلقه{مِنْ نُطْفَةٍ} ثم تنقله في الأطوارشيئا فشيئا، حتى كبر وشب، وتم عقله واستتب}فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌمُبِينٌ{ بعد أن كان ابتداء خلقه من نطفة، فلينظر التفاوت بين هاتينالحالتين، وليعلم أن الذي أنشأه من العدم، قادر على أن يعيده بعد ما تفرق وتمزق، منباب أولى.
فصلت آية 49 ، 50 ، 51 :
(( لَايَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌقَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُلَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُإِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوابِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَإِذَا أَنْعَمْنَاعَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُودُعَاءٍ عَرِيضٍ ((
هذا إخبار عن طبيعة الإنسان، من حيث هو، وعدم صبره وجلده، لا علىالخير ولا على الشر، إلا من نقله الله من هذه الحال إلى حال الكمال، فقال: }لَا يَسْأَمُالْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ{ أي: لا يمل دائمًا، من دعاءالله، في الغنى والمال والولد، وغير ذلك من مطالب الدنيا، ولا يزال يعمل على ذلك،ولا يقتنع بقليل، ولا كثير منها، فلو حصل له من الدنيا، ما حصل، لم يزل طالبًاللزيادة.}وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ{أي: المكروه،كالمرض، والفقر، وأنواع البلايا {فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} أي: ييأس من رحمة اللهتعالى، ويظن أن هذا البلاء هو القاضي عليه بالهلاك، ويتشوش من إتيان الأسباب، علىغير ما يحب ويطلب.إلاالذين آمنوا وعملوا الصالحات، فإنهم إذا أصابهم الخير والنعمةوالمحاب، شكروا الله تعالى، وخافوا أن تكون نعم الله عليهم، استدراجًا وإمهالاً،وإن أصابتهم مصيبة، في أنفسهم وأموالهم، وأولادهم، صبروا، ورجوا فضل ربهم، فلمييأسوا.
ثم قال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ} أي: الإنسان الذييسأم من دعاء الخير، وإنمسه الشر فيئوس قنوط {رَحْمَةً مِنَّا} أي: بعد ذلكالشر الذي أصابه، بأن عافاه الله من مرضه، أو أغناه من فقره، فإنه لا يشكر اللهتعالى، بل يبغى، ويطغى، ويقول: {هَذَا لِي} أي: أتاني لأني له أهل، وأنامستحق له}وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً{وهذاإنكار منه للبعث، وكفر للنعمة والرحمة، التي أذاقها الله له. }وَلَئِنْ رُجِعْتُإِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى{ أي: على تقديرإتيان الساعة، وأني سأرجع إلى ربي، إن لي عنده، للحسنى، فكما حصلت لي النعمة فيالدنيا، فإنها ستحصل [لي] في الآخرة وهذا من أعظم الجراءة والقول على الله بلاعلم، فلهذا توعده بقوله: }فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُواوَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ{أي: شديد جدًا.
}وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ{ بصحة،أو رزق، أو غيرهما{أَعْرَضَ} عن ربه وعن شكره {وَنَأَى} ترفع{بِجَانِبِهِ} عجبا وتكبرًا. }وَإِنْ مَسَّهُالشَّرُّ{ أي: المرض، أو الفقر، أو غيرهما}فَذُو دُعَاءٍعَرِيضٍ{ أي: كثير جدًا، لعدم صبره، فلا صبر في الضراء، ولا شكرفي الرخاء، إلا من هداه الله ومنَّ عليه.
المرجع(تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان )
للشيخ السعدى رحمه الله