الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ، أحمدُهُ على عظيم مِنَنِهِ ، وسابِغِ نِعَمِهِ ، حمْدَ الشَّاكرين ، وأسألُهُ المزيدَ من فضله . وأُصَلِّي وأُسَلِّمُ على أشرف خَلْقِه محمَّدِ بنِ عبدِ الله ، صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليه ، وعلى آله وصحابته الكرام البررة ، والتَّابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين .
وبعد ،فكثيرا مـا نجد بعض من يقرأ القرآن الكريم إذا انتهى من القراءة يحرص على ختمه بقوله : " صدق الله العظيم " فما مشروعية هذا الفعل ؟
لمعرفة الجواب اقرأ مـا قَـاله العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله .
قـال تغمده الله برحمته :
قول \" صدق الله العظيم \" بعد قراءة القرآن الكريم لا أصل له من السنة و لا من عمل الصحابة رضي الله عنهم ، و إنما حدث أخيرا و لا ريب أن قول القائل : \"صدق الله العظيم \" ثنـاء على الله عز و جل فهو عبادة و إذا كان عبادة فإنه لا يجوز أن نتعبد لله به إلا بدليل من الشرع و إذا لم يكن هنـاك دليل من الشرع كان ختم التلاوة به غير مشروع و لا مسنون فلا يسن للإنسان عند انتهاء القرآن الكريم أن يقول : \" صدق الله العظيم \" .
فـإن قـال قــائل : أَفَلَيْسَ الله يقول : {قُلْ صَدَقَ اللهُ } [آل عمران:95]
فَالجَــوَاب : بلى قد قـال الله ذلك و نحن نقول صدق الله لكن هل قال الله و رسوله صلى الله عليه و سلم ، إذا أنهَيْتُم القراءة فَقُـولُوا : \" صدق الله العظيم \" .
و قد صح عن النبي عليه الصلاة و السلام ، أنه كـان يقرأ و لم ينقل عنه أنه كـان يقول صدق الله العظيم .
و قرأ عــليه ابن مسعود رضي الله عنه من سـورة النساء حتى بلغ { فَكَيْفَ إذَا جِئنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشهيدٍ و جِئنَا بِكَ عَلَى هَؤلاءِ شَهِيدًا}[النساء:41] فقـال النبي عليه الصلاة و السلام \" حسبك \" و لم يقل صدق الله العظيم و لا قال ابن مسعود أيضًا ، و هذا دليل على أن قول القائل عند انتهاء القراءة \" صدق الله العظيم \" لَـــيسَ بمَشـرُوع.
نعم لو فرض أن شيئًا وقع مما أخبر الله به و رسوله فقلت صدق الله و استشهدت بـآية من القرآن الكريـم هذا لا بَــأس لأن هذا من باب التصديق لكـلام الله ـ عز و جل ـ كما لو رأيت شخصًا منشغلاً بأولاده عن طاعة ربه فقلت صدق الله العظيم {إِنَّمَا أَموَالُكُم و أَولَدَكُم فِتنَةٌ } [التغابن:15] و مَــا أشبهَ ذلك مما يستشهد به ، فهذا لا بأس به.
فتـاوى إسلامية 4/17 العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله