أُدَاري جِرَاحَاتِي وَأُخْرِسُ أَحْرُفِي=وَأَبْكِي عَلَى حَالِي وَبِالصَّمْتِ أَكْتَفِي
أرى البوحَ في أرض المواجع عارياً** فألبسهُ منْ نسجِ عينيَّ معطفي
وَحِيْنَاً أرى شِعْريَ فِي لَحْدِ غُرْبَتي=كَأَن لَم يَكُنْ فِي لَحْظَةٍ خِليَ الْوَفي
أراه شهيداً في عباءة دهشتي**فيثوي هلالا في التراب و يختفي
كَأن لم يكن عَهْدي بِهِ مُنذ نشأتي=وَلَم يستكنْ بِالروحِ في مهجتي وَفِي
و كان صديقاً ينثرُ الحبَّ كفّهُ**و يجمعُ آيات الجمال بمصحفي
كفرتُ بهذا الشعرِ سحقاً لأحرفٍ=بِشَرْيَانِ أَحْلَامِي تَضُخُ تَخَوُّفِي
و آمنتُ بالأشواقِ في جُبّ أدمُعٍ**تُشكّلُ آمالاً بطينِ تفلسُفي
فَمَا نَفْع أَشْعَارِي وَعَاري بِأُمَّتِي=فَلَا الشِّعْرُ دَاوَاهَا وَلَا جُرْحهَا شُفِي
و كم أغمدوا سيفَ الكرامة بالهوى**وسلّوا لسانا بالمذلّةِ يحتفي
وَمَجْداً بَنَيْنَاهُ أَضَاعواْ, وَ وَدَّعواْ=سَبِيْلَ الْعُلَا, فَانْهَارَ صَرْحِيَ يَنْتَفِي
تناسوا زهيراً يملأ الكون حكمةً**و ما سلكوا إلا دروبَ ابنَ أحنفِ
وَهَزُّواْ بِجِذعِ الْقَهْرِ فَاسَّاقَط الْخَنَا=فَيَا قَلْب أَنَّى نَبْضُكَ الشعْرَ يَقْتَفِي؟
فشِعرٌ على الأوراقِ يُصلبُ باكياً**و شِعرٌ ببطنِ الكبتِ منتبذاً نُفــِي
وَرُغمَ الْأَسَى فَالشِّعرُ فِي الِقَلبِ سَيدٌ=وَمَنْ يَشْتَهِي يُدْنِي إِلَيْهِ و يَصْطَفِي
كطفلٍ بمهدِ الحُلْمِ تُرضعهُ الرؤى**فيا صفحتي إنْ ينطقِ الطفلُ تُنصَفي
وفي عِيدِ آمالِ الجراحِ لأمَّتِي=يُرَقِّعُ ثَوبَ الحُلْمِ شِعري وَأحرُفِي
كأنّ حرير اللفظِ روضُ زمرّدٍ** بهِ وشوشاتُ الشمسِ أجملُ زُخرفِ
سَأَدْري جراحاتي وَأَجبرُ كسرها=فَيَا أحرفي الشمَّاء عودي ورفرفي
و يا لغتي الخضراءُ سيلي حكايةً** و جدولَ أحلامٍ و لا تتوقّفي
سبيلي سبيل العزِ والشعر مركبي=سأبحرُ صوب المجدِ دون توقفِ
و أرسو على شطآن ضادي محــمّلاَ** بكنز المعاني من عميقِ تأسُّفي
لِيَبْنِي قُصوراً فَوقَ جسرِ عروبتي=قَريِضي, وَأَسْقِيهِ كؤوسَ تَلَهُّفِي
فتُزهرَ أوطانٌ تفوحُ بشعبها**و تُمسينَ توتاً يا رؤايَ لِتُـــــــقطفي
لَقَدْ آنَسَتْ ذَاتِي مِنَ الْبَوحِ جَذوَةً=حَريٌ بِهَا أَن لَا تَغيب وَتنطَفِي
عصا الفكْر إذْ ألقيكِ كوني كحيّةٍ** و ممّا يكيدُ المستبدّ تلقّفي