وَلَدي يزور حديقةَ الحيوانِ
ويعود يحكي لي كوصف عيانِ
ويقول : يا أبتي رأيتُ مَشَاهداً
تَدَعُ الحليمَ هناك كالحيرانِ
إنّي رأيتُ الذئبَ يظهرُ بأسَهُ
في نعجةٍ منهدَّةِ الأركانِ
ورأيتُ قرداً فاسقاً متلصصاً
يرنو إلى أُنثى لدى الجيران
ورأيتُ ديكاً مُتْخَماً شَبَعاً ولم
يَرْمِ الفُتاتَ لجارهِ الجوعانِ
ورأيتُ ليثاً خائراً متخاذلاً
وعرينًهً بقيادة الجرذانِ
ورأيتُ صقراً غافلاً.. وإناثُهُ
مفتونةٌ بالبومِ والغِربانِ
ورأيتُ ثوراً كم يظنُّ خُوارَهُ
شَدْواً كشدوِ بلابل البُستانِ
ورأيتُ دُبَّاً كالكثيب ضخامةً
ويظنُّ قامتَهُ كغُصن البانِ
ورأيت للحرباء ألفَ عباءةٍ
لِتَبَدُّلِ الأحوالِ والأزمانِ
والثعلبَ المكُار يمشي خاشعاً
متظاهراً بالزُّهد والإيمانِ
فصرختُ : أُقْصُرُ يا بُنَيَّ ولا تَزِدْ
وصفاً.. فتلك حديقة الإنسانِ
لَلذِّئب أرقى مِن بني الإنسان إنْ
عاشوا بغير المنهج الربَّاني